ذكريات مع القلب والروح

أبي ... أخاطبك عبر سنوات الاستشهاد ... عبر الأيام الجلفاء .
أريد أن أجلس معك ... أخبرك عن آخر الأحداث ... عن برتقال يافا الأسير ... عن المقاومة الشعبية ... عن هذا الشعب ... عن أحوالي الشخصية ... بعيدا خلف أسوار الذاكرة ... خلف أيام هذا الرعب الحمساوي ... الذي يعيشه شعبنا في غزة هاشم الأبية ...
أريد أن أحدثك عن جدران المخيم التي ارتسمت صورتك على جدرانه فانطبعت كالمعتاد في ذاكرة الشعب .... كل الشعب
أقول لك إن جدي وجدتي سافرا بعد مغادرتك وأديا فريضة الحج لك ، وهموا أعمامي فتزوجوا وأنجبوا أطفالا سموا واحد منهم باسمك .
دعني أداعب روحك لحظات قليلة أشم بها رائحة الأبوة ... أيامي برغم سعادتها وإشراقها وجمالها لكنها ناقصة منك لتكون جزءا منها ... فأنت لم تفارقني لا ليلي ولا نهاري ... يامن تسكن في قلبي وروحي .
صديقك أحمد تبعك وترك دراسته في كلية الآداب وقام بأداء الواجب واستشهد ولكن الفرق بينكما أن أحمد حين غادرنا وأريناه التراب في الأرض أرض المخيم التي تذكرك جدرانه ولكن سلاك ثراه ، حين نزول أحمد فارقناه بابتسامة ودمعة ... بحرقة ولوعة ... وأبلغته أن يبلغك السلام .
اشتياق الأهل يزداد خاصة حين يسأل عنك فيعيد السؤال إلى قلبي ذاكرة الحزن المريرة وأسألك أبتي ؟؟
أهل كنت مبتسما حين أنزلك القائد إلى مسواك كما كان أحمد !! لقد كان ميتسما ومقطبا والآداب بات جليا على ملامح الاستشهاد .
تتراكد الصور في ذهني ولا أدري لماذا أمسكت القلم علما أنه عاجزا عن رثاءك حتى هذه اللحظة يا توأم روحي وقلبي .... أهل أعتبر حواري معك الآن جلسة مصالحة أم اشتياق أم لحظة حب طويلة الأمد لأغلى أب ؟؟ ... أم لحظة بكاء مع النفس والروح ... مع الخلود في التاريخ .
اليوم تذكرتك طويلا عندما جلست مع أصدقاءك أخوتك الذين عرفتهم .... لقد عاشرت الذين أحببتهم ... قاتلت من كرهتهم ... تشربت من استشهادك لحظات أكبر من عمر سيدنا نوح تجربة وخبرة ... واليوم دعني أجلس وياك لأشرب من حبك الأبوي الذي قال بأن الوطن أعلى مراحل الحب .
دعني أخبر كل الأنبياء إنك أوصلت مرامهم وهم يعلمون ذلك لأنك كنت للوطن فداء .
أخاطبك أبي ولا أطلب منك الرد فلربما أنت عاجز عن الرد ولكن أعرف إنك وأحمد وأمثالكم الكثيرون ضحوا وعمر الثورة هذه الأيام يمر سريعا ... يتذكر كل واحد فينا أن الثورة تطورت وولدت فينا رصاصة جديدة هذه الرصاصة هي الحجر يستخدمها جندينا الأقوى طفل الحجارة في أرضنا التي عرفنا فيها كل محبة تجري في العروق .
أبي .... إني أرى في عينيك مدن الضفة وغزة حزينة وميناء عكا يستقبل المهاجرين الصهاينة وهو حزين يا له من ميناء فاشل يستقبل الظلم وهو حزين لا يثور .
أبي دعني أجلس وياك على طاولة خيالية أتحدث معك في الهموم ، فأنت حي من رغم موتك من سنين عدة ، فراغ قاتل دامت فيه صورتك محبة وألفة ... لتجدد بي روح الأمل لأبقى على دربك درب الياسر الكاسر الجاسر ماضية حتى آخر لحظة في عمري

http://www12.0zz0.com/2010/05/07/15/123724098.jpg

تحياتي الك فتحاوي عنيد على مواضيعك المميزة والاكثر من رائعة
تقبل مروري